الاثنين، 27 أكتوبر 2014

لماذا أخرّ النبي صلى الله عليه وسلم مخالفته لليهود في صوم عاشوراء لآخر حياته؟


   كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء في مكة متابعة لقريش حيث كانوا يصومونه ويكسون الكعبة في ذلك اليوم، وكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يتابعهم في أمور الخير. وجاء في "مجالس الباغندي الكبير": عن عكرمة أنه سئل عن ذلك فقال: أذنبت قريش ذنباً في الجاهلية فعظم في صدورهم فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك.ا.هـ

    فلما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجد اليهود يصومونه لأن سيدنا موسى عليه السلام صامه كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس "يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى"، فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم أصحابه بصومه وأحب أن يوافق أهل الكتاب، قال ابن حجر في فتح البارى: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان ا.هـ.

   وفي صومه تأليفاً لقلوب أهل الكتاب كما كان يستقبل قبلتهم بادئ الأمر، وقال النووي: المختار قول المازري "قد يكون صومه لعاشوراء إما وحياً أو تواتراً أو اجتهاداً منه لا بمجرد أخبار آحادهم" ا.هـ.

   وتعظيم أجر صوم عاشوراء "يكفر السنة التي قبله" تشريعاً منه صلى الله عليه وسلم لأمته ولم يكن ذلك عند اليهود فيتضح مما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ تشريع اليهود في عباداته فكما جاء في الصحيح عن السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه قبل ذلك، فلم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم وإنما هي صفة حال وجواب وسؤال، بالإضافة إلى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بصومه في حد ذاته تشريعاً منه صلى الله عليه وسلم. ثم لما فرض عليه صلى الله عليه وسلم صوم رمضان ترك صوم عاشوراء على باب الوجوب لا الاستحباب وخيّر أصحابه بالصوم من عدمه.

   استمر هذا الحكم إلى قبيل آخر حياته صلى الله عليه وسلم حتى أخبر أن اليهود تتخذ يوم عاشوراء عيداً، قال ابن حجر: "ولما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضاً كما ثبت في الصحيح" ا.هـ.، فأمر بصوم يوم قبله من باب المخالفة وقيل من باب الاحتياط في تحصيل عاشوراء إذا غم عليهم ولم يروا الهلال.

   وعموماً التدرج في التشريع ليس عيباً ونقصاً في الشريعة، فأركان الإسلام لم تشرع دفعة واحدة وفي وقت واحد فالصلاة شرعت بمكة ثم بعد الهجرة شرع الصوم في السنة الثانية، فلماذا ننكر الآن تأخر مخالفة النبي لليهود وصوم اليوم التاسع في آخر حياته؟
    نحن لا نصوم عاشوراء لأن اليهود كانوا يصومونه، نحن نصوم عاشوراء لأن نبي الله موسى عليه السلام كان يصومه ولأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يصومه ولأن الأجر والثواب بصيامه كبير وعظيم يكفر سنة قبله.
@@@@@@

مسألة أخرى:
هل كان اليهود يستخدمون التقويم القمري في ذلك الوقت فوافق يوم عاشوراء اليوم العاشر من محرم؟
حديث ابن عباس في الصحيح "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء" فيه وجهين:
الوجه الأول:
إما أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم إلى المدينة فأقام إلى يوم عاشوراء فوجد اليهود فيه صياماً.
والوجه الثاني:
أن اليهود كانوا يحسبون بالتقويم الشمسي فصادف يوم عاشوراء يوم قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في شهر ربيع الأول. وهذا التأويل مما يترجح به أولوية المسلمين بموسى عليه السلام لأنهم ضلوا اليوم المذكور، وهدى الله المسلمين له. وممن قال به ابن القيم:"وصيام أهل الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس"ا.هـ.، ومما يؤيده ما أخرجه الطبراني في الكبير عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه:" ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقوله الناس، إنما كان يوم تستر فيه الكعبة، وتقلس فيه الحبشة وكان يدور في السنة، وكانوا يأتون فلاناً اليهودي- يعني ليحسب لهم – فلما مات أتوا زيد بن ثابت فسألوه". يقول ابن حجر: كان الأصل فيه ذلك، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء رده إلى حكم شرعه، وهو الاعتبار بالأهلة، فأخذ أهل الإسلام بذلك، وقال: ظفرت بمعناه في كتاب "الآثار القديمة لأبي الريحان البيروني (ولد في خوارزم بتركستان كان رحّآلة وفيلسوفًا وفلكيا وجغرافيا وجيولوجيا ورياضياً وصيدلياً ومؤرخاً ، وصف بأنه من بين أعظم العقول التي عرفتها الثقافة العربية الإسلامية، وهو أول من قال إن الأرض تدور حول محورها، صنف كتباً تربو عن المائة والعشرين وتوفي سنة 440هـ): فذكر ما حاصله أن جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم، فالسنة عندهم شمسية لا هلالية"، ثم يقول ابن حجر: فمن ثم احتاجوا إلى من يعرف الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك ا.هـ.
لكن ابن حجر رد هذا التأويل لأن سياق أحاديث الباب في الصحيح لا تدعم هذا التأويل وأن من مشاهدته أن اليهود لا يعتبرون في صومهم إلا بالأهلة، فيكون الاعتماد على تأويل الوجه الأول.ا.هـ.
كما أن الإشكال في حديث زيد أن آخره لا يصلح أن يكون من كلامه فكيف يقول عن نفسه "أتوا زيد بن ثابت فسألوه"؟
والله أعلم

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

صدر لي كتاب جديد (حياتي)




بسم الله ما شاء الله تبارك الله..اللهم صل على سيدنا محمد..

صدر لي كتاب جديد..

الشيخ عبدالرشيد إبراهيم من أصل بخاري، وكان الروس قد نفوا جده إلى سيبيريا فولد رحمه الله هناك وقرر في ريعان شبابه التوجه إلى المدينة المنورة لاستكمال تعليمه، فمر في طريقه بقبائل القازاق وتعرف على عاداتهم، ثم وصل إلى المدينة المنورة عام 1298هـ وأقام فيها حتى 1302هـ فحفظ القرآن وأخذ العلم عن كبار مشايخها، وكتب عن المظاهر العلمية والبيئة الثقافية والاجتماعية لأهل المدينة في تلك الفترة بطريقة لم يسبقه إليه أحد في كتب الرحلات.

بالإضافة إلى سرده للكثير من الحوارات مع كبار مشايخه في الحرمين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) كعلي بن موسى (صاحب كتاب وصف المدينة)، والسيد دحلان، ورحمت الله الدهلوي، ومحمد مراد القازاني، وشيخ القراء بمكة المكرمة (سرور) وغيرهم.

وفي آخر الكتاب إجازة شرعية نادرة عن شيخ القراء بالمدينة المنورة أحمد أفندي عام 1300هـ، بالإضافة إلى مقالة نادرة له تنشر لأول مرة بخط يده رحمه الله. وهذه الرحلة في فترة زمنية غير التي في كتابه السابق (العالم الإسلامي) ومختلفة في محتواها.

الكتاب مترجم من اللغة التركية (العثمانية) إلى العربية، وموجود في منصة (كتابك):
https://ketabok.com/%D8%AE%D8%B2%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8/