كانت في نيتي منذ زيارة أوزبكستان مؤخراً زيارة قريته
التي ذكرتها في سيرته وذكرها قبلي غيري، وهي من نواحي مدينة مرغلان.
وفي أثناء زيارتي لوادي فرغانة وبالتحديد مدينة
فرغانة طلب مني الرفاق الذهاب لمرغلان لتناول وجبة كباب شهية صاحبه مشهور بجودة
طعامه، كان الوقت متأخراً فوافقت على مضض لأني كنت أخطط لزيارتها نهاراً حتى
أستطيع البحث عن القرية والتفتيش عن الحي والبيت الذي كان يقيم فيه الشيخ، وهذا
أمر ليس بالهين.
دخلنا مرغلان على وقت العشاء فصلينا في جامع كبير
وعدنا أدراجنا نحو مدينة أنديجان.
كنت ألح كل يوم على الرفاق بوجوب العودة إلى مرغلان
نهاراً، لكن الوقت والمسافات والخطط كانت تتغير كل يوم حسب الظروف.
جاء اليوم الأخير لوجودي بوادي فرغانة وقررت ألا
أعود منها إلا بزيارة مرغلان مرة أخرى نهاراً وأصررت على ذلك.
دخلنا مرغلان صباح يوم الأربعاء 11/12/1439هـ وقررت
التوجه أولاً إلى ذلك الجامع الكبير الذي أدينا فيه صلاة العشاء، وبعد دخولنا
المسجد مع الرفقة الصالحة وعددهم 6 أشخاص، عرفنا أن المسجد بني بجوار الحي الذي
كان يسكنه الإمام برهان الدين المرغيناني، وقد تكلمت عن تلك القصة في صفحتي
الشخصية من قبل.
أثناء تجولنا في فناء المسجد ونحن نتشاور في كيفية
الوصول لقرية الشيخ محمد زكريا البخاري، دخل علينا شخصان يبحثان عن عمامة، وهذه
لها قصة من العادات القديمة يطول الكلام عنه ليس مكانه هنا.
فسألناهما عن قرية الشيخ فأجابا بأنهما من نفس
القرية (دام قل) وأنهما سمعا عن الشيخ ويعرفا من يدلنا على منزله الذي يسكنه حاليا
بعضاً من أقاربه حتى الآن.
كنا في غاية السرور، وكنت مندهشاً من الصدفة
العجيبة، وتوفيق الله تعالى، وكأن بركات الشيخ كانت تحفنا في ذلك المكان رحمه
الله.
وعلى الفور انطلقنا نحو القرية التي تبعد حوالي 30كم
عن مرغلان، وصلنا مسجدا يجلس فيه بعض كبار السن فعرفوه وجلسنا معهم في صحبة سعيدة
ومفيدة، وتداولوا معنا بعض القصص النادرة عنه وأسرته حتى أوصلونا إلى الدار التي
كان يقيم بها، وكان في البيت أسرة من أقاربه فلما عرفوا هويتنا أكرمونا وضيفونا.
كل شيء في البيت كما هو مع بعض الترميمات للغرف، الفناء،
والشجرة، وجدول الماء الذي يعبر من خلال داره، الذي كان يصفه لمحبيه رحمه الله.
ثم جلست مع والدة رب تلك الأسرة وهي سيدة عجوز في 88
عاماً فرحت بي وأكرمتني وضيفتني كعادة أهل تلك البلاد المشهورة بالضيافة، تكلمت
معها وروت حكايات قديمة ثم طلبت منها الإذن بالانصراف وانصرفت.
عند خروجي من البيت كان الخبر قد انتشر في البلدة
فإذا بجمع غفير ينتظر خروجنا والجميع يسلم علينا ويحيينا ويطلب منا الدخول لبيته
للضيافة.
شعور لا يوصف لمعاني الأخوة والإنسانية والحب
والبساطة والعفوية من أهل القرية.
بعد ذلك توجهنا لزيارة المسجد الذي كان الشيخ محمد
زكريا البخاري يرتاده في صغره لتلقي العلم، وهو مهجور حاليا.
أخيراً رجعنا عائدين إلى مرغلان لإكمال زيارتنا لبعض
المدارس والمساجد فيها.
هناك الكثير من المعلومات المهمة والجديدة التي حصلت
عليها عن الشيخ محمد زكريا البخاري، ولكن أحتفظ بها لإيرادها في الطبعة الثانية من
الكتاب إن كان للعمر بقية في خير ولطف وعافية.
رحم الله الشيخ محمد زكريا البخاري ونفعنا به
وبعلومه وبركاته، آمين
تعمدت أن أكتب وأنشر هذه القصة يوم الجمعة، والذي
يعرف الشيخ يعرف كيف كان يومه يوم الجمعة وأحواله ورفقته واجتماع محبيه في منزله
بالمدينة المنورة يوم الجمعة.
الفاتحة لروحه..
منصور بخاري
المدينة المنورة
27/12/1439هـ
![]() |
منزل الشيخ محمد زكريا البخاري في قريته دام قل |
![]() |
المنزل من الداخل |
![]() |
جدول الماء يعبر من خلال المنزل ويتجه خارجا |
![]() |
المسجد الذي كان يتلقى فيه العلم مع صديقه محمد أمين |