السبت، 12 يونيو 2021

السيد النقي التقي فقيد الأمة

 

    خرج العالم المحدث المربي السيد إبراهيم خليفة الحسني الأحسائي من حي الكوت من مدينة الأحساء المتواضعة إلى العالمية؛ لأنه على موعد مع الدعوة الإسلامية. فقد أراد المولى عز وجل له الشهرة والانتشار بالرغم أنه لا يميل إلى الظهور ولفت الانتباه. فوضع الله عز وجل محبته في قلوب طلبته وأتباعه وحتى ممن جالسوه لمرة واحدة في حياتهم.

    فذاع صيته وعلا رسمه وشأنه بين المحبين والأغيار، وأقبل طلبة العلم عليه فقرؤوا عليه وسمعوا منه وتعلموا بين يديه من الأدب والتربية والعلوم في فترة وجيزة ما عجزوا عن تلقيه طيلة طلبهم ومسيرتهم العلمية.

    أراد الله عز وجل لحكمة هو أعلم بها أن يكون خروج السيد الحسيب النسيب ذا تأثير عالمي يصل دويّ صيته أرجاء المعمورة، ويُقبل عليه القاصي والداني يلتمسون منه القرب والمحبة والبركة.

    إن هذا التأثير الإيجابي في نفوس طلبته وأتباعه لم يكن إلا فيضاً إلهياً من الفيوضات الربانية الكريمة على الأمة المحمدية من ربٍّ رؤوفٍ رحيم لطيف بعباده؛ فظهور السيد إبراهيم إلى العالمية في هذا الوقت العصيب على الأمة الإسلامية ولفترة قصيرة كان مَدداً من المولى عز وجل لإصلاح فئة من هذه الأمة على يديه، حتى يكون تأثيره مفيداً نافعاً يجري مجرى سرعة تيار هذا العصر، ويسير على نحو مسار هذا الزمان المتسارع.

    لم يكن وجود هذا التأثير النافع محض صدفة عند طلبته، فهو رحمه الله يحاول في مجالسه أن يزرع التربية والسلوك في نفوسهم، بالتركيز على تعريفهم القيم والعادات والمحبة ونبذ الكراهية والعداوة والكسل والاستهتار.

فكان رحمه الله تارة شفيقاً رحيماً لطيفاً بهم.

وتارة حازماً في كلامه ونبرة صوته وملامحه.

وتارة يفيض حباً ويليّن القلوب.

وتارة يتنزّل لدرجات المزاح والبشاشة والصداقة.

وتارة تكسوه تجليات وسكون وخشوع.

وتارة ينتفض توسلاً وتضرعاً وتعلقاً بالله سبحانه وتعالى في دعائه.

    أما عن صفاته الشخصية وأحواله فكان رحمه الله يحب الطِّيب، ويحب اقتناء الكتب ويفرح بها أيما فرح إذا أهديت إليه، منضبطاً في مواعيده، يحب الإنشاد والمنشدين ويخصص لهم في مجلسه وقتاً صالحاً، تهيم روحه طرباً لمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدني منه الجميع الصغير قبل الكبير، متواضعاً في كلامه معهم وحواره، حتى يشعر الجميع في مجلسه أنه هو الأقرب من غيره ممن حضر، وأنه أخذ كفايته من الدنو منه ومن بركاته.

    كان رحمه الله كريماً سخياً، بيته ومُقامه عامر، إذا دخلنا عليه جوعى خرجنا شبعى، وإذا دخلنا أيدينا خاوية خرجنا محملين بالهدايا، وإذا دخلنا جهلة تحملنا المعارف. وأما صوته فهو إن أنشد فتّت القلوب، وإن تكلم نزل عليها كالغيث.

    كان رحمه الله مع طلبته مدرسة جامعة، يعلمهم الفنون والعلوم والسلوك، كان يعلمنا كيف نجلس ومتى نقوم، كيف نقدر الكتاب ولا نضعه على الأرض، كيف نتكلم ومتى نصمت، كيف نسأل ومتى نتحلى بالصبر، كيف نكرم النعمة ونحافظ على نظافة مكاننا ومجلسنا، وكان أيضاً يعلمنا أن نطبخ ونعد طعامنا بأيدينا، كيف نحترم الجيران ولا نؤذيهم، كيف نوقر الكبير ونرفعه لمقامه، كيف ننتظم في مواعيدنا ولا نتأخر عن الدرس ولا نتخلف عنه، كيف نحافظ على صلاتنا ولا نتكاسل عن الزيارة والصلاة في المسجد النبوي.

    كان رحمه الله آية في علم الجرح والتعديل يعرف الطبقات ويحفظها، ويهتم بتدريس مصطلح الحديث والعقيدة والسنة النبوية المطهرة، ويهتم جداً بسيرة السلف والخلف، وله عناية بالأسانيد والرجال والأولياء والصالحين.

    كان رحمه الله صورة للتسامح، رسماً للاعتدال، وشعاراً للوفاء، ذكياً فطناً لماحاً، أباً حنوناً للجميع، يكتفي بنظرةٍ ليعرف مزاج من أمامه، وتكفينا منه نظرةً لنعرف ما يريحه ويكدره. له هيبة ووقار، سمته سمت العلماء الربانيين، حلو المعشر، حسن المظهر والملبس، جميل الخط، طيب النفس، سليم الصدر، راسخ العلم، عبارته رصينة، معتدل الرأي، شديد في الحق، قوي الحجة، يجتنب الجدال، جامع للفضائل، ولا يذكر الناس إلا بمحاسنهم.

    وكانت له عادة سنوية يأتي فيها إلى المدينة المنورة يقيم فيها ويعقد مجالس العلم والذكر ويجتمع مع الأحباب والخلان وطلبة العلم، وفي آخر سنواته أقام في إسطنبول فنشر علومه بها وذاع صيته وكثر طلبته وعقد الكثير من مجالس قراءة السنة النبوية وختم أمهات كتب الصحاح والسنن، وأجاز المئات بل الآلاف، فقصده القاصدون ومشت إليه الركبان وتأثر وانتفع بعلمه وأدبه وأحواله الكثير عرباً وعجماً.

    وكما كان على موعد مع العالمية حيث أخرجه الله تعالى ليعم نفعه وتأثيره وفيوضه وبركاته أرجاء المعمورة وفي فترة وجيزة كانت مليئة بالعمل والجد والهمة، كان له موعد مع قصر الأجل مع حسن الوفادة إلى المولى الكريم في يوم الجمعة الأول من ذي القعدة من عام 1442هـ في إسطنبول. بعد 66 عاماً من مرافقة العلماء ومجالسة الصالحين ختمت بحسن العمل والسيرة الصالحة والأنفاس الزكية. رحمه الله وأعلى درجته في عليين ورزقنا الله رفقته مع النبيين والصديقين والصالحين في الفردوس الأعلى وعوضنا وعوض الأمة الإسلامية بالخير. آمين




الجمعة، 19 فبراير 2021

هل السيارة الكهربائية اقتصادية أكثر من أم بنزين؟

 بدأت الكثير من شركات تصنيع السيارات العالمية بإنشاء مصانع متخصصة لتصدير السيارات الكهربائية كتويوتا ومرسيدس وبورش وجي إم وغيرها الكثير

وبدأت مصانع متخصصة في إنتاج السيارات الكهربائية كتسلا وفي الصين Nio وغيرها

كما بدأت تدخل في المنافسة بعض الشركات التي ليس لها خبرة سابقة في مجال السيارات كأبل وسوني

الواضح أن المستقبل يمضي في هذا الاتجاه والمنافسة عالية وتحاول المصانع عدم الكشف عن أسرار خطوط إنتاجها بالرغم من أن تقنية الكهروميكانيكا فيها بسيطة جدا

بطارية ليثيوم مع كوبالت، انفيرتر لتحويل التيار المستمر إلى متردد، وماتورSyRM و2 رمانبيللي و3 تروس لنقل الحركة مع دفرنس مفتوح، وصلى الله وبارك

طيب لماذا أسعار الكهربائية أغلى بكثير من أم بنزين؟

لأن المصانع تتجاوب مع موضة السوق في المنتج الجديد وتضع مواصفات تقنية عالية في السيارة الكهربائية كالقيادة الذاتية والرادار وإدارة تحكم آلي متكاملة MMS مما يرفع سعر المنتج عالياً، الشركات ترغب بنسبة أرباح عالية جدا وتعرف أن زبون هذا النوع من السيارات يرغب في نموذج مختلف عن التقليدي كمركبة فضائية في حساباته

إضافة إلى أنها تحتاج إلى نشر شبكة محطات شحن كهربائية على الطرق وداخل المدن ليتم بيع كميات أكبر من منتجها

صحيح أن سعر تصنيع البطارية مرتفع وهو حاليا بحدود 100$ لكل 1كيلو وات ساعة، لكن هذه الأسعار في نزول مع مرور كل سنة لأن تقنية التصنيع تشهد تطوراً في كل عام خاصة مع محاولة التخلص من عنصر الكوبالت

ما هي تكلفة شحن بطارية السيارة الكهربائية؟

بطارية سعة 75 كيلو وات ساعة بأسعار تعرفتنا تحتاج إلى 18هللة*75=13.5 ريال لكن هذا ليس دقيقاً فالشحن المنزلي يعتمد على متوسط استهلاك الشهر وفي أي شريحة تم شحن السيارة 30هللة أم أعلى وهي كافية لسير مقداره 400-500 كم فقط، كذلك هذا الرقم من منتجي السيارات غير دقيق، لوجود عوامل أخرى تساعد على الاستهلاك العالي للبطارية كالتكييف وتبريد أو تسخين البطارية حسب طقس الجو فوحدة الراديتور لا تستخدم لتبريد الماكينة لعدم وجودها أصلاً لكنها تحيط خلايا البطاريات لتبريدها في فصل الصيف أو تسخينها في الشتاء، إضافة إلى أن المنتجين لا ينصحون بالشحن "الفل" للبطارية إلا لمستوى 85-90% لكي لا تتلف البطاريات سريعا

والعمر الافتراضي يتراوح بين 5-8 سنوات أو 150-200 ألف كم، وسعر استبدالها عالي جدا بين 5-7 آلاف$

هل تحتاج إلى صيانة دورية؟

لا يوجد زيت مكينة، لكن يوجد زيت وفلتر لتبريد حجرة التروس الصغيرة ولا يحتاج للتغيير المنتظم، أما زيت الدركسون والفرامل والأقمشة والمساعدات فهي كالتقليدية

كما تحتاج إلى تركيب وحدة شحن منزلي 3 فاز في المنزل قد تكلف حوالي ألف$

هل يجب أن تنتظر مدة طويلة لشحن البطارية؟

في وجود السوبر شارجر في بعض المحطات يستغرق الشحن 1-2 ساعة، أما في المنزل مع 3 فاز حوالي 8 ساعات، وبالقابس العادي تحتاج إلى 20 ساعة يعتمد ذلك على سعة القابس 1 كيلو وات أم أكثر

شركة نيو الصينية نشرت شبكة محطات في الصين ليس لشحن بطارياتها ولكن لتبديل كامل البطارية خلال 10 دقائق بدلاً من الانتظار الطويل، لأن لوح البطاريات يكون مبسوطاً على أرضية السيارة من الأسفل بين محوري قاعدة الكفرات، فيقوم الربوط الآلي بفك البراغي واستبدال اللوح بآخر مشحون بسرعة فائقة، ويمضي السائق في طريقه وهكذا يمكن أن يستبدل لوح البطاريات كلما وقف في المحطة المخصصة

نعود الآن لسؤالنا الأول:

تسلا في موقعها تدعي أنه يمكن توفير 4-6 ألف$ في 6 سنوات إذا كان متوسط السير 13 ألف كم في السنة مع سعر تعرفة كهرباء وبنزين مرتفعة وهو مبلغ غير مقنع وغير مغرٍ

كما أن سعر السيارة الكهربائية الصغيرة في مختلف الشركات لا يقل عن 30 ألف$ تقريباً حتى الصينية منها

بناء على المعطيات السابقة أرى أن السيارة الكهربائية ليست اقتصادية، فالسيارة أم بنزين يمكن أن تخدم لأكثر من 8 سنوات أ و200 ألف كم دون الحاجة إلى تغيير جذري في المكينة أو الجيربوكس، لكن الزبون الذي يذهب لخيار السيارة الكهربائية يكون لديه القابلية لدفع مبلغ أكبر مقابل منتج حديث بتقنية حديثة ومواصفات عالية قد لا يحتاجها في السيارة أم بنزين