من أكثر الأسئلة التي يسألني الناس عنها في المجالس كوني أحد طلبة
المذهب الحنفي، هو:
هل يجيز الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه الزواج (عقد النكاح) بغير وليّ للمرأة (العروس)؟؟
فمما وصلني من أحد الإخوة الأفاضل يسأل قبل أيام نفس السؤال تقريباً فقررت أن أتوسع في الردّ عليه.
السؤال:
أنا في أندونيسيا ووجدت كثير من الشباب يتزوجون من غير وليّ، بحجّة أنه معتمد مذهب الإمام أبي حنيفة..
هل هذا فعلاً معتمد المذهب أو هو قول عندهم؟
وما الشروط المترتبة على ذلك؟
وهل البكر والثيب سواء؟ وهل لها أن تزوج نفسها أو توكل أي شخص لتزويجها؟
وهل يلزم من الشهود الإسلام وظاهر الصلاح فقط؟
وما الشروط للانتقال من مذهب إلى مذهب آخر في هذه المسألة؟
انتهى السؤال...
بأنه قد يكون الاتفاق لمدة مؤقتة بينهما قبل العقد وليس في العقد، ليوم أو شهر أو غيره..
ومن الأسباب التي دعت الشباب لعدم وجود وليّ: إما السفر أو الموت أو عدم الرضى..
****************
الجواب:
المذهب الحنفي انتشر منذ القرن الثاني الهجري في مناطق شاسعة كخراسان وبلاد الأفغان ووسط آسيا (تركستان) ثم سيبيريا والقارة الهندية وغيرها من البلاد، وكل هذه الشعوب والقبائل والمجتمعات استمرت إلى اليوم على أعرافها وعاداتها في مراسيم الأعراس بحضور ورضا وليّ الزوجة سواء ثيباً أو بكراً.
ومقاصد النكاح في الإسلام كما تعلمون هي إقامة علاقة قربى وزيادة النسل وتكوين حياة أسرية فطرية بين أفرادها، وليس لإخماد الغريزة والشهوة فقط.
والشرع كرّم المرأة وأعطاها حرّية الاختيار في شريك حياتها بضوابط تحفظ لها كرامتها وعزتها بطريقة حضارية راقية، فإن هي أساءت لنفسها الاختيار وضيعت حقوقها الشرعية والشخصية، تدخّل الوليّ ليرفع الضرر عنه وعنها وطلب فسخ عقدها ليرجع الأمور لميزان المصالح المشتركة بما حفظه الشرع له ولها من حقوق.
فالعلاقة بين الوليّ والمرأة متداخلة ويغلب عليها طابع الثقة وتقديم المصلحة لحصول مقاصد النكاح التي ذكرناها أعلاه، فأي الجانبين فرّط في حقه الخاص أو تعدّى على حقوق الطرف الآخر استطاع الثاني أن يعيد التوازن في العلاقة، فإذا ما اعتدى الوليّ على المرأة بتزويجها أو إجبارها على رجل هرِم طاعن في السن تبغضه أو تنفر منه فلن تجبر عليه لأنها ذات استقلالية في اختيارها وذات أهلية في شخصيتها. وإن هي تعدّت على وليّها بعدم اختيار الكفء لها فجلبت لعصبتها الانتقاص في القدر والمكانة تدخل الوليّ وفسخ العقد للضرر الواقع عليها وعليه.
يتعيّن علينا أن نجبُن قليلاً عن تمرير حكم (جواز زواج المرأة بدون وليّ) للعوام ( لفساد الزمان ) وخاصة بين المجتمعات المسلمة التي لها أعراف وعادات. أو أن نوضح العلاقة المتكاملة في الحقوق بين الوليّ والمرأة من جميع جوانبها دون أن نجتزئ الحكم من صورته الكلية؛ حتى نفوّت الفرصة لمن يريد الخروج على روح قانون الأحكام الشرعية في المجتمعات المحافظة.
الولاية تندب على البالغة ولو بكراً، وولاية الإجبار تكون على الصغيرة ولو ثيباً. فلا تجبر البالغة العاقلة البكر على النكاح لانقطاع الولاية بالبلوغ. والسنّة أن يستأمر الوليّ البكر قبل النكاح ويذكر لها الزوج ولا يجبرها وينتظر ردّها.
الوليّ هو العصبة على ترتيبهم في الإرث والحجب ثم مولى العتاقة. ولا ولاية لعبد ولا صغير ولا مجنون ولا كافر على مسلمة.
ويشترط بحضور شاهدين حرّين مسلمين بالغين عاقلين ولو فاسقين، رجلين أو رجل وامرأتين. ويجوز للبالغة التوكيل في العقد.
والفتوى على عدم صحة عقد النكاح لعدم رضى الوليّ لغير الكفء، ولا يفيد الرضا بعده، وإن وطئها فهو حرام، وهي رواية للحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه.
والكفاءة تكون في: النسب والدِّين والحرية والمال والصنعة.
وزواج المتعة باطل، والزواج المؤقت باطل سواء اتفقا على المدة قبل العقد أو أثناءه.
وفي متن الدر المختار: بعاقد رشيد وشهود عدول ا.هـ.
وفي حاشية ابن عابدين: ولا ينبغي أن يعقد مع المرأة بلا أحد من عصبتها، ولا مع عصبةٍ فاسق ا.هـ.
فالتداخل في المصالح قائم بينهما بشكل وثيق وميزان الأحكام الشرعية هو الضابط للحقوق الإنسانية والاجتماعية للطرفين.
هل يجيز الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه الزواج (عقد النكاح) بغير وليّ للمرأة (العروس)؟؟
فمما وصلني من أحد الإخوة الأفاضل يسأل قبل أيام نفس السؤال تقريباً فقررت أن أتوسع في الردّ عليه.
السؤال:
أنا في أندونيسيا ووجدت كثير من الشباب يتزوجون من غير وليّ، بحجّة أنه معتمد مذهب الإمام أبي حنيفة..
هل هذا فعلاً معتمد المذهب أو هو قول عندهم؟
وما الشروط المترتبة على ذلك؟
وهل البكر والثيب سواء؟ وهل لها أن تزوج نفسها أو توكل أي شخص لتزويجها؟
وهل يلزم من الشهود الإسلام وظاهر الصلاح فقط؟
وما الشروط للانتقال من مذهب إلى مذهب آخر في هذه المسألة؟
انتهى السؤال...
ثم سألته: هل الزواج في صيغة مؤقتة أم شرعية دائمة؟ وما الداعي لتوجه
هذه الفئة من الشباب إلى الزواج بغير وليّ بالرغم من أن العرف السائد عندهم هو
الزواج بوليّ؟
فأفادني السائل:بأنه قد يكون الاتفاق لمدة مؤقتة بينهما قبل العقد وليس في العقد، ليوم أو شهر أو غيره..
ومن الأسباب التي دعت الشباب لعدم وجود وليّ: إما السفر أو الموت أو عدم الرضى..
****************
الجواب:
المذهب الحنفي انتشر منذ القرن الثاني الهجري في مناطق شاسعة كخراسان وبلاد الأفغان ووسط آسيا (تركستان) ثم سيبيريا والقارة الهندية وغيرها من البلاد، وكل هذه الشعوب والقبائل والمجتمعات استمرت إلى اليوم على أعرافها وعاداتها في مراسيم الأعراس بحضور ورضا وليّ الزوجة سواء ثيباً أو بكراً.
ومقاصد النكاح في الإسلام كما تعلمون هي إقامة علاقة قربى وزيادة النسل وتكوين حياة أسرية فطرية بين أفرادها، وليس لإخماد الغريزة والشهوة فقط.
والشرع كرّم المرأة وأعطاها حرّية الاختيار في شريك حياتها بضوابط تحفظ لها كرامتها وعزتها بطريقة حضارية راقية، فإن هي أساءت لنفسها الاختيار وضيعت حقوقها الشرعية والشخصية، تدخّل الوليّ ليرفع الضرر عنه وعنها وطلب فسخ عقدها ليرجع الأمور لميزان المصالح المشتركة بما حفظه الشرع له ولها من حقوق.
فالعلاقة بين الوليّ والمرأة متداخلة ويغلب عليها طابع الثقة وتقديم المصلحة لحصول مقاصد النكاح التي ذكرناها أعلاه، فأي الجانبين فرّط في حقه الخاص أو تعدّى على حقوق الطرف الآخر استطاع الثاني أن يعيد التوازن في العلاقة، فإذا ما اعتدى الوليّ على المرأة بتزويجها أو إجبارها على رجل هرِم طاعن في السن تبغضه أو تنفر منه فلن تجبر عليه لأنها ذات استقلالية في اختيارها وذات أهلية في شخصيتها. وإن هي تعدّت على وليّها بعدم اختيار الكفء لها فجلبت لعصبتها الانتقاص في القدر والمكانة تدخل الوليّ وفسخ العقد للضرر الواقع عليها وعليه.
ومما يفتى به عندنا في
المذهب عدم صحة عقد النكاح إذا لم يرضَ الوليّ بغير الكفء، ولا يفيد الرضا بعد
العقد، وإن وطئها الرجل فهو حرام.
وشعب أندونيسيا المسلم لم يُعرف عندهم انتشار المذهب الحنفي بقدر
الشافعي وقليلاً من المالكي، واتجاه بعض فئات الشباب لتقليد حكم الحنفية في عدم شرط حضور
الوليّ في إقامة صيغة أنكحة مشبوهة وغير شرعية (مؤقتة) هي من باب اتباع الهوى والالتفاف
على مقاصد النكاح الشرعي الفطري وأخشى أن يكون لتحليل ما حرمه الله.
"عدم شرط الوليّ في عقد النكاح" نافع جداً في المجتمعات
غير المسلمة وخاصة للفتاة التي تدخل الإسلام لأبوين غير مسلمين فلا وليّ لها ولا
قاضٍ شرعي يعقد لها، وتكون في حاجة ماسّة لإقامة أسرة محصنة مع زوج مسلم فتضطر
لعقد الزواج المدني، ففي هذه الصورة تكون الفتوى لها قيمتها وتظهر سماحتها وتحقق
مقصد ((أهلية المرأة الرشيدة على نفسها)) الذي رآه الإمام الأعظم أبو حنيفة رضي
الله عنه.يتعيّن علينا أن نجبُن قليلاً عن تمرير حكم (جواز زواج المرأة بدون وليّ) للعوام ( لفساد الزمان ) وخاصة بين المجتمعات المسلمة التي لها أعراف وعادات. أو أن نوضح العلاقة المتكاملة في الحقوق بين الوليّ والمرأة من جميع جوانبها دون أن نجتزئ الحكم من صورته الكلية؛ حتى نفوّت الفرصة لمن يريد الخروج على روح قانون الأحكام الشرعية في المجتمعات المحافظة.
والأعذار ليست دائماً مسوغاً
للتقليد
فالوليّ (المسافر) يرجع ولو تأخر ويجوز للوليّ الأبعد التزويج بغيبة
الأقرب، و(الميت) له بديل وارث من العصبة، و(عدم رضى الوليّ) لا يبرر إقصاءه لأن
قوته تظهر بعد العقد في فسخه لعدم الكفاءة.
بعض أحكام عقد النكاح
لا يشترط الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه الوليّ في عقد نكاح المرأة
الرشيدة (الحرة البالغة العاقلة) بكراً أو ثيباً، وقالا الصاحبان (أبو يوسف ومحمد
بن الحسن رحمهما الله): لا ينعقد إلا بوليّ. ويروى أنهما رجعا لقول الإمام. وجدير بالذكر هنا أن أدلة الإمام قطعية
وقوية في الباب.
وجه الجواز: أنها تصرفت في خاص حقها وهي من أهله؛ لكونها عاقلة
مميزة، ولهذا كان لها التصرف في المال ولها اختيار الأزواج، وإنما يطالب الوليّ بالتزويج
كي لا تنسب المرأة إلى الوقاحة.الولاية تندب على البالغة ولو بكراً، وولاية الإجبار تكون على الصغيرة ولو ثيباً. فلا تجبر البالغة العاقلة البكر على النكاح لانقطاع الولاية بالبلوغ. والسنّة أن يستأمر الوليّ البكر قبل النكاح ويذكر لها الزوج ولا يجبرها وينتظر ردّها.
الوليّ هو العصبة على ترتيبهم في الإرث والحجب ثم مولى العتاقة. ولا ولاية لعبد ولا صغير ولا مجنون ولا كافر على مسلمة.
ويشترط بحضور شاهدين حرّين مسلمين بالغين عاقلين ولو فاسقين، رجلين أو رجل وامرأتين. ويجوز للبالغة التوكيل في العقد.
والفتوى على عدم صحة عقد النكاح لعدم رضى الوليّ لغير الكفء، ولا يفيد الرضا بعده، وإن وطئها فهو حرام، وهي رواية للحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه.
والكفاءة تكون في: النسب والدِّين والحرية والمال والصنعة.
وزواج المتعة باطل، والزواج المؤقت باطل سواء اتفقا على المدة قبل العقد أو أثناءه.
وفي متن الدر المختار: بعاقد رشيد وشهود عدول ا.هـ.
وفي حاشية ابن عابدين: ولا ينبغي أن يعقد مع المرأة بلا أحد من عصبتها، ولا مع عصبةٍ فاسق ا.هـ.
خاتمة
حصول المقاصد الشرعية للنكاح في الإسلام يكون بحصول المصالح الشخصية للمرأة
والاعتبارية لوليّها، وعدم اشتراط الوليّ في عقد النكاح (من الناحية الفقهية) لا
يعني عدم أهميته أو إقصاءه من القضية.فالتداخل في المصالح قائم بينهما بشكل وثيق وميزان الأحكام الشرعية هو الضابط للحقوق الإنسانية والاجتماعية للطرفين.
والله أعلم وأحكم،،،،
فتح الله عليك وسلمت يمينك
ردحذفاللهم انظمنا في عقد معيته صلى الله عليه وآله وسلم
آمين أجمعين
حذفوبارك الله فيكم