ابني العزيز..
المرحلة الجامعية تختلف عن المرحلة
الثانوية بأشياء فلا تفوّت على نفسك الفرصة ولا تُضِعْ على نفسك ما اجتهدت وحصلت
عليه من نتائج سابقة، حتى لا تندم عليها. وخاصة في السنة الأولى التي قد تكون أهم
سنة جامعية حرجة تكون فيها أو لا تكون.
هذه السنة التحضيرية هي المعيار التي تقيس
بها مستقبلك، والتي قد تضع اللبنات الأولى في طريق مستقبلك العلمي والعملي، وهي
عماد المرحلة الوظيفية المستقبلية سواء اتجهت نحو الوظيفة أو نحو إكمال الدراسات
العليا مستقبلاً إن شاء الله.
والسبب في أن المرحلة الجامعية تختلف عن
سابقتها كونها:
1. نظام الدراسة المفتوح
وغير المقيد بموعد ثابت للحضور صباحيا كل يوم، مما يجعل الطالب غير منتظم في
الذهاب والإياب يوميا، فتتوفر لديه أوقات فراغ كبيرة.
2. عدم الانتظام هذا
يوفر للطالب فرصة كبيرة مع زملائه للخروج والجلوس في المقاهي والمطاعم من باب
تغيير الجو الدراسي الكئيب، فيجد الطالب نفسه منساق مع زملائه في ذلك.
3. الروتين الذي كان
الطالب معتادا عليه في المرحلة الثانوية بدخول الحصص وانصرافه في وقت معين يكاد
غير موجود في المرحلة الجامعية، فيفرح الطالب بهذه الجو الجديد غير المجدول
الفضفاض، فلا يلتزم بتواجد مجدول في البيت كالسابق. ويجد نفسه يومياً إما متغدياً
في هذا المطعم أو متعشيا في ذلك المقهى وبشكل متردد مختلف عن اليوم الذي يسبقه،
وهكذا يضيع الوقت عليه دونما انتباه.
4. ضياع الأوقات بهذا
الشكل ينتج عنه تشتت في الالتزام بأوقات مجدولة للدراسة وحل الواجبات واكمال
الأبحاث خاصة في ظل وجود الملهيات من برامج التواصل الاجتماعي في هاتفه الذكي،
والتي ستكون لها الأولوية عند الفراغ والجلوس منفرداً بطبيعة الحال.
5. المرحلة الجامعية
تعطي انطباعا للشاب أنه أصبح مستقلا في حياته وأنه غير ملزم بالتواجد في أوقات
معينة مع أسرته، وخاصة بوجود سيارة خاصة له وراتب مستقل من الجامعة تكفيه المئونة للتواجد
في المقاهي والمطاعم مع زملائه أكثر من تواجده في بيته مع أسرته. ولو كان بعيداً
عن أسرته مبتعثاً داخلياً أو خارجياً فتزداد العوامل المساعدة للشعور بالاستقلالية
والهروب من الرقابة.
6. وهكذا تمر فترة الفصل
الدراسي بسرعة شديدة ولا يتنبه الطالب لها فتسقط عنه اللياقة الذهنية التي تعود
عليها خلال المرحلة الثانوية المنضبطة، وعندما تحضر فترة الامتحانات يحاول أن
يستعيد تلك اللياقة لكن الوقت لا يسعفه، ويدخل الامتحانات وهو غير مهيأ ذهنيا
لتحصيل أعلى الدرجات التي تعود على تحصيلها في المرحلة الثانوية ويفاجأ نهاية
الفصل الأول بدرجات منخفضة يضيع بها مستقبله وأمانيه الذي تعب عليه لعدة سنوات
سابقة.
7. يحاول الطالب في
الفصل الثاني تعويض ما حصل له في الفصل الأول ويتكرر نفس السيناريو ولا يمكن له أن
يستعيد اللياقة الذهنية السابقة، فتتبدد الآمال والطموحات ويضطر للدخول لأي كلية
أخرى دون رغبته وتمضي السنوات الجامعية بألم وندم.
ابني
العزيز..
هذا
الكلام كتبته عن تجربة شخصية مررت بها مع الكثير من زملائي في السنة الأولى
الجامعية، فمنهم من توقف عن إكمال دراسته ومنهم من رجع إلى مدينته وأكمل في معاهد
خاصة ومنهم من أكمل في كلية دون رغبته ومنهم من كان ذكياً ويعرف مصلحته فاجتنب
الملهيات وآثر الحرص على الحفاظ على لياقته الذهنية وطورها وبذل الوقت والجهد
لتحقيق طموحاته ومستقبله حسب ما هو مرسوم في ذهنه.
يا بني
وأنت مقدم على مرحلة تاريخية جديدة ترسم مستقبلك المنير، احرص على التقليل من محاكاة
زملائك الذين من حولك، واحرص على خفض مستوى الصداقات المفتوحة معهم، فالوقت أمامك
له متسع ويمكن اللحاق بالملهيات فيما بعد. واجعل لنفسك منهم خواص تستفيد منهم
ويستفيدوا منك، فتكونوا رفقاء خير لا رفقاء سوء.
وإن كان
ولابد فيمكن أن تلتحق بنشاطات جامعية لتغيير الروتين وخوض تجارب اجتماعية وثقافية
جديدة كجماعة الجوالة أو النادي العلمي أو الالتحاق بنادي رياضي حسب ما هو متوفر
في جامعتك لتكون منتظما في تواجدك معهم بأوقات معينة ومجدولة.
وفقك
الله لكل خير وسدد خطاك وجعلك ممن يخدمون دينهم ووطنهم والمسلمين.
آمين،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق