سألني أحد الإخوة عن مسألة أوردها ابن حزم "الظاهري"
في كتابه "المحلى" يقول فيها:
"قد ذهب إلى هذا أبو حنيفة ولم ير الزنا، إلا
ما كان مطارفة، وأما ما كان فيه عطاء أو استئجار فليس زنا ولا حدّ فيه" . انتهى
والحقيقة أنه كدرني..
فأنا على ثقة أن الإمام الأعظم رحمه الله لا يمكن أن يبيح الزنا ويتساهل فيه، إلا أنني أجبته "مباشرة" بأنه لا يمكن أن يكون هذا قول الإمام لأن ابن حزم معروف عنه تحامله وكثرة طعنه في الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وبالنسبة لعدم وجوب الحدّ فهو لابد كونه من باب درء الحدود بالشبهات.
وطلبت منه مهلة لبحث المسألة، فوجدت أن الكثير من "طلبة العلم" في النت يتداولون المسألة ويسألون عن حكمها دون أن يرجعوا إلى أمهات كتب المذهب الحنفي، فينقلوا قول ابن حزم ويفتو به وينسبوا القول تهمة وفرية للإمام الأعظم، وللأسف يبدو أن بعض الجهلة يستحل أبضاع (الخادمات) الأجيرات بهذه الفتوى "ولا حول ولا قوة إلا بالله".
ثم طالعت المراجع ووجدت أن كلام ابن حزم غير صحيح في الجملة فقوّل الإمام الأعظم ما لم يقله، فالإمام لم يقل: "ليس زنا"، ولكنه قال: "لا حدّ فيه" من باب درء الحدود بالشبهات. وخالفه الصاحبان أبو يوسف ومحمد الشيباني فقالا بوجوب الحدّ. والفتوى في المذهب على قولهما.
وعبارة "الدر المختار" واضحة: "لا حدّ بالزنا بالمستأجرة له أي للزنا، والحق وجوب الحدّ كالمستأجرة للخدمة". انتهى
وكنت أجمع الأقوال من مختلف المراجع، إلا أنني تذكرت أن المحدث العلامة التهانوي رحمه الله أجاد في الرد على مطاعن ابن حزم في الإمام الأعظم في كتابه "إعلاء السنن" فرجعت إليه ووجدت ردّاً شافياً مفيداً أطنب رحمه الله في الردّ على أوهام وظنون ابن حزم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق